الأبوّة؛ ماذا يحدث عندما يعتقد الأطفال أن العمل أهم منهم؟
مقال لمارك أوليفر، منشور بتاريخ 26 سبتمبر2016
"دادا، القرد الملك مقيّدٌ!" كان ابني يُطلعني على آخر التطورات في حياة ألعابه، ومصيبة كانت على وشك الحدوث. قردهُ الملك المحبوب قد تم القبض عليه، وأكّد لي، أنه لا يوجد مفرّ. حتى عندما اقترحت عليه أن تقوم الألعاب الأخرى بإنقاذه، هزّ رأسه نافيًا. لم يكن هناك سبيل لإنقاذه.
"لا يمكنهم إنقاذه،" قال لي. "إنهم مشغولون جدًا. عليهم أن يذهبوا إلى العمل." وبعد العمل، أوضح لي، أن على ألعابه أن تنظف المنزل وتذهب للتبضّع. لم يملكوا ببساطة الوقت في جداولهم المزدحمة لإنقاذ صديق يعاني- ولهذا لم يكن لديهم أيّ خيار سوى أن يتركوا القرد الملك ليلقى حتفه.
لقد كانت تلك لحظة في حياة الوالدين تتساوى في لطافتها وقدرتها على سحق الروح. لقد كان ابني يراقبنا ويكوّن فكرته عن كيف يعملُ العالم. ولقد تقبّل فكرة أن الناس الذين يعملون مشغولون جدًّا لدرجة أنّ عليهم أن يتخلّوا عن أحبائهم.
ثقافتنا تُلقِّننا أنّ الدور الرئيسي للرجل هو أنْ يعولَ عائلته
عندما أعمل، أعتقد أنني أساعد عائلتي. في ذهني، أنا أفعل ما ينبغي عليّ فعله لأبحث عن البنسات التي تحتاجها عائلتي لتعيش. أوفر لهم طعامًا، وسكنًا يؤويهم، وأتكفّل بتعليم ابني تعليمًا سيوفر له حياةً أفضل.
ولكن في ذهن ابني، فأنا أخونه. عليّ أن أكون والده، الذي يحبه ويلعب معه، وأنا أتركه وحده لأنه يوجد أمر آخر في الخارج أهم بالنسبة إليّ منه. على هذا تربيتُ. عندما كنت طفلًا، أبي كان يعمل طوال الوقت- وعلّمني أنه ينبغي على الرجل أن يعمل بجهد ليعتني بعائلته. كان يسافر بسبب عمله حول العالم لأسابيع في بعض الأحيان. حتى إنه في إحدى السنوات عاش في مدينة مختلفة، في عملٍ براتبٍ أعلى بعيدًا عن المنزل، لتحصيل المال الذي تحتاجه عائلته.
اليوم أنا في نفس حالته. عندما يقول زملائي إنني "مثابرٌ في عملي" يقولونها بنبرة قلق بدلًا من الإعجاب.
عقلي ممتليءٌ دائمًا بالقلق على ديوننا وتكاليف مستقبلنا، ووصلت إلى مرحلة أشعر فيها أنني أضيّع الوقت عندما أحشر ثماني ساعات كاملة في النوم ليلًا.
التحدّث عن لماذا لا تعالج مسألة "أن المال مهم" المشكلة
عندما تخلى ابني عن لعبته المفضلة، للمرة الأولى أصبحت مجبرًا على النظر إلى أثر هذا الأمر عليه. أوقات طويلة من يومه يقضيها بصحبة جديّه بينما نعمل أنا وزوجتي، وببطء بدأ يقضي وقتًا أطول معهما أكثر مما يقضيه معنا. ويزداد ارتباطًا بهما، والتعلّم منهما – وليس منّي.
عندما شرحت له أن دادا عليه أن يعمل حتى نستطيع أن نأكل، رأيت تروس الفهم تعمل ببطء في دماغه، وأقلقني ذلك. كنت أراه وهو يضع سعرًا على كل ممتلكاته، وأرى أن فكرة المال هي أهم من كل الأمور الأخرى تتكشّف له مثل تجلٍّ. شعرت بالخوف، وتساءلت: ما الذي أفعله به؟ هل أحوّلهُ إلى شخص مثلي تمامًا؟
هناك أشياء يحتاجها ابني أكثر من المال. يحتاج إلى العناق أكثر مما يحتاج إلى الثياب. ويحتاج أن يعلّمه والدهُ أكثر مما يحتاج إلى كتبٍ جديدة. ويحتاج أن يعرف أن والديهِ يحبّانه أكثر من أي شيء آخر في العالم، وأكثر من حاجته للأشياء.
الأطفال بحاجة إلى الحُب أكثر من أي شيء آخر
لا يمكنني التوقف عن العمل. عائلتي تحتاج أن تعيش، وابني يحتاج أن يضمن تكاليف مستقبله. وبالرغم من ذلك، يمكنني أن أجعل الوقت الذي أمضيه معه مجزيًا. عليّ أن أجعله يعرف أنه أهمّ ما في حياتي. عندما أذهب إلى العمل، عليّ أن أخبره أنني أفتقدهُ. وعندما أكون في المنزل، عليّ أن ألعب معه وأعلّمهُ، وأجعله يرى أن هذا أهمّ بالنسبة إليّ من المال. عليّ أن أتأكد أنه يحصل على كل ما يحتاجه، وأنّه يحصل عليه منِّي أنا. لم أتمكن من عمل هذا بمثاليّة بعد. هناك أوقات في حياتنا نعاني فيها أكثر ويكون عليّ أن أعمل بجهدٍ أكثر، وتتسع المسافة بيني وبين ابني. ورغم ذلك هناك أمر واحد نداوم على فعلهِ بقداسةٍ؛ ففي كل ليلة، ومهما يكن لديّ من أشغالٍ، آخذهُ إلى غرفتهِ، وأساعدهُ على ارتداء ملابسه، وأقرأ معهُ. وفي كل ليلة أقبّل رأسهُ، وأتمنى له ليلةً سعيدةً، وأذكّره: "أحبكَ أكثر من أي شيء في هذا العالم."
قصص من أشجار ذات صلة بالأبوّة:
اضغط على صورة الغلاف لطلب الكتاب.
اضغط على صورة الغلاف لطلب الكتاب.
رابط المقال الأصلي: اضغط هنا