البطل الخارق. قصة استثنائية!

لا تزال الدكتورة نسيبة العزيبي تفاجئ قرّاءها بقصصها التي تتجاوز البراعة الفنيّة وفق الشروط المطلوبة لبناء قصّة الطّفل وتوافر عناصرها الفنيّة التي توفّر الفائدة والمتعة لترتاد عوالم خياليّة ترتفع بالقيم الإنسانيّة إلى أعلى الذّرى.

 

وقديمًا قيل ما معناه إنّ الصّفات لها مساس وطيد بنقائضها فمن البخل نتعرّف الكرم، ومن الضّعف نتعرّف القوّة، ومن الجبن نتعرّف الشّجاعة، ومن الخور نتعرّف البطولة. وبطل نسيبة العزيبي هنا بطل في كلّ حال؛ فهو يمتلك مقوّمات البطولة الجسديّة الخارقة، بقوّة ذراعيه وقوّة جناحيه، وبما وفّر في نفوس محبّيه ومعجبيه من حبٍّ له وإجلال. هذا البطل الخارق رسمته نسيبة من عناصر الواقع ومن كيمياء الغرائبيّة والخيال، فهو قبل مرضه كان بطلًا خارقًا فعلًا؛ يطير بجناحيه عاليًا في السّماءِ، ويجرّ بشعره الطّويل الشّاحنات والطّائرات، ويدفع بيديه البنايات الضخمة والصّخور، وينتقل من مكان إلى آخر بسرعة البرق، ويرى بعينه أدقّ الأجسام وأبعدها، ولو من خلف جدار، وينفخ من فمه هواءً قويًّا، يثير الرّياح والزّوابع، وأفعالاً أخرى كثيرة، جعلت منه بطلاً خارقًا حقيقيًّا. "لقد سخّر البطل قدراته الخارقة لمساعدة الناس وإسعادهم."

بعد أن أصيب البطل بمرض مستعص خطير وقف الأطباء أمامه عاجزين، لاحظ أنه بدأ يفقد قدراته شيئًا فشيئًا، حتى فقدها كلها، ولم تُجْدِ الأدوية شيئًا. فقرّر أن يهجر المدينة دون أن يُشعر أحدًا ليعيش في خيمة على قمة جبل. أمّا النّاس الذين افتقدوا البطل الخارق فقد قرروا أن يطلقوا من نوافذ منازلهم كل ليلة فوانيس ورقيّة ليعلم البطل حين يراها تنير السّماءَ بأنّه في قلوبهم، وأنّهم يرجون شفاءه، وعودته إليهم بفارغ الصّبر".

حار البطل حين رأى الفوانيس وراح يشعر بالشوق وبموجة من الحب والأمل تجتاح قلبه، فتمسح ما فيه من الأسى والحزن. ولعل علاقته بالرجل الحكيم تكشف مغزى القصة الحقيقي حين بدأ الحكيم بمراحل العلاج: قص الشّعر ثم قص الجناحين ثم العودة إلى الحياة الطبيعية فالعودة إلى المدينة والعيش مع الناس حيث رأى الناس يحبون ويحتضنون ويبتهجون، فبنى بينهم بيتًا وتزوج من سيّدة تشبهه وانخرط في الحياة ومساعدة الناس من جديد. لم ينبت له شعر ولا جناحان، لكنه ظلّ البطل الخارق لدى الناس، فالبطولة في القلب وجوهره الحب وليست في القوة البدنية؛ قوّة الشّعر أو الجناحين.

يظلّ البطل هو هو لا تتغيّر صورته في مرآة نفسه، ولا تتغيًر بالتّالي في نفوس محبّيه ومعجبيه من الجماهير التي أحبّته وآمنت بشخصيّته وقدراته. البطل الخارق يمتلك في فكره وشعوره وأعماقه قوّة نفسيّة هائلة ظلّت تقود خطاه وتوجّه مصيره حتى وهو يفقد أعز شيءٍ لديه، ومكمن القوّة في صورته لدى نفسه ولدى معجبيه. خاض غمار المأساة بقوّةٍ ورباطة جأش، لا يضعف ولا يستكين ترفعه قوّته النفسيّة وتسدّد خطاه، وأهمّ من ذلك حبّ النّاسِ الذي لا يعادله شيء في الحياة.

 

نسيبة العزيبي قاصة بارعة استثنائية، أراها تسعى بقوّة نحو العالميّة، المكانة التي تستحقّها بجدارة.

 

2 comments

  • ❤ 👍

    Nana@gmail.com 1
  • قصة: لا للتنمر
    كانت هناك مجموعة من الطالب يسخرون من زميلهم في الصف ألأن لون بشرته سوداء، وكل يوم يرحل من المدرسة باكيًا، ولا يخبرها بما يحدث له في المدرسة، وذات يوم قامت هذه المجموعة بضربه ، وحّدَث نفسه قائلاً: لا لا لا، أنا لا أقبل بهذا الشيء. سوف أخبر أمي، وعندما خرج من المدرسة رأت الأم وجه ابنها الملون بالدم ، وقالت له: ما بك يا ابني؟ أخبرني، و لك الأمان، فقال إبنها: أمي هناك مجموعة من الطالب يسخرون مني واليوم ضربوني. قالت الأم لإبنها: ولماذا يسخرون منك؟ قال: من لون بشرتي يا أمي. قالت له أمه: أريد أن أتحدث معهم، قال: نعم.. يا أمي. تحدثي معهم. قالت له: تعال معي، وذهبت الأم وابنها إلى مدير المدرسة؛ لكي يحضرهم إلى المكتب وتتحدث معهم وعندما التقوا ، قالت لهم: لماذا تسخرون من ابني؟ ثم قال رئيس المجموعة بسخرية: أما ترين لون بشرته السوداء؟؟ شكله بشع للغاية ههههههه، قالت له: يا بني ال تسخر من الآخرين، فهذه خلقة رب هل تقبل أن يسخَر منك أحد؟ قال: بالطبع لا، لا أقبل، قالت له. إذاً حتى ابني لا يقبل بهذا التنمر و يجب أن تكونوا أصدقاء، ثم قال بحزن: أنا آسف جداً و من اليوم نحن أصدقاء وسنبقى معك إلى الأبد.
    ما يُستفاد من هذه القصة: لا للتنمر، فلابد أن يأتي يوم، ويتنمرون عليك، و التنمر تصرف غير لائق وغير مقبول من الإنسان.

    كوثر السيد رجائي محفوظ الموسوي

اترك تعليقًا

Please note, comments must be approved before they are published

الرجوع إلى الأعلى