نبذة عن الكتاب:
منذ بداية النص ينجح أنس في كتابة علاقة معقدة بين الطفل ووالده، الوالد في الرواية عاطل عن العمل. في مشهد رئيسي في الرواية يرى الأب ابنه من بعيد يشتري البنانير من أحد الأولاد بنقود كان خبأها لهذا الهدف، يغضب الأب ويأخذ البنانير من ابنه أمام الأولاد الآخرين وينثرها في الهواء. يفقد الطفل أمواله ولعبته ويعود إلى البيت ركضًا، محرجًا من عيون الأولاد، لتنفجر ماسورة الشعر، فيكتب. لا نرى الطفل يواجه والده، بل ينام غاضباً ويحلم بأنه يمحو صورة والده وهو يرمي بنانيره من ذاكرة أصدقائه، ليستيقظ على دقات الجنود الذين يأخذون والده في الليلة ذاتها من البيت. هذا ليس نصًا سحريًا نرى فيه البطل غاضبًا مما حدث، أو باحثًا عن حل ما ليحرر والده. هذا النص عن طفل أضاع والده ولا يستطيع التعامل مع ما حدث، بل يقوم بتأجيله حتى يصدر حكم في حق والده، حينها فقط يشعر البطل بوطأة الاعتقال. وهذه هي نقطة التحول في القصة، يغادر الطفل عالم الطفولة وينضج، حينها فقط يتمكن من البوح بمشاعره، وأيضًا يبدأ بمحاولة اكتساب الرزق. فهي إذًا قصة عن النضج، وعن مغادرة الطفولة، ربما كان لهذا النضج أن يتأخر قليلاً لو أن الأب لم يُعتقل، لكنه كان المخرج الوحيد في نص أنس.