سبب كبير لمعاناتك في إدارة الفصل الدراسي
توجد صفة مشتركة لدى المعلمين الذين يعانون في إدارة فصولهم الدراسيّة. وهي ليست صفة تشمل جميع المعلمين، لكنها بالتأكيد تشمل معظهم.
لقد ذكرت هذه الصفة سابقًا، وأوضحت أثرها في إحداث عواقب سلبية. ولكن المشكلة أشدّ عمقًا من ذلك.
المشكلة عميقة إلى درجة أنه يمكنها أن تؤثر على كل شيء بدءًا من الحافز للاستماع وصولًا إلى أي مدى يستمتع الطلبة بوقتهم في فصلك الدراسيّ.
في أغلب جوانب الحياة، يمكن لهذه الصفة أن تكون صفة رائعة، صفة تحتاجها في صديقك العزيز أو طبيبك المعالج.
ولكن بالنسبة للمعلمين، فإنها يمكن أن تؤدي إلى الفوضى وسوء التصرف في الفصل.
سلوك المعلم السائد والمرتبط بهذه الصفة هو الإدارة المُصغّرة. بمعنى، أن المعلمين يميلون إلى مساعدة الطلاب أكثر من اللازم، بأن يحكوا لهم، ويوجّهوهم، ويذكّروهم، ويلقنوهم كل شيء تقريبًا.
ويميلون، كذلك، إلى الحركة الدائمة والتجوّل في الغرفة، والتدخل في كلّ شيء،وإخماد المشكلات، والتحقق بشكل فردي من كل تلميذ قدر ما يستطيعون. ومما لا يثير الدهشة، أن هؤلاء المعلمين يميلون إلى التوتر العصبي.
لقد تحدثت في مقالات سابقة عن الإدارة المُصغّرة وكيف يمكنها أن تُؤخّر التقدّم الأكاديمي، وتزيد من السلوكيات السلبية. إلا أن المشكلة هي أنه من الصعب كسر هذه العادة. إلا إذا كنت تعرف المسبب الرئيسي لها.
إذن، ما هي هذه الصفة؟ إنّها الإسراف في الاهتمام.
أترى، حين تعقِدُ آمالك ومشاعرك بقوّة على تلاميذك وأدائهم، فإن ذلك يؤدي بك إلى التصرف بطريقة تخفف العبء الذي يجب على التلاميذ تحمّله. إنّ هذا الأمر يجعلك تضغط على نفسك لأن تعمل بجد أكبر، وتعطي أكثر، وأن تكون حاضرًا لتلاميذك بقدر أكبر يجعلك قريبًا منهم أكثر من اللازم. ويضع روحك ومشاعرك بداخل قطار الملاهي الذي يعلو ويهبط مع كلّ نجاح وفشل.
إنه يدفعك لتلقِّي سوء التصرّف من التلاميذ بشكل شخصيّ.
ولكن هذا الاهتمام المُفرط لا يؤثر فقط على توازن فعاليّة التعليم والتعلّم. بل يُفسد خططك الموضوعة بعناية. لأنك حين تهتم أكثر من اللازم، لا تُعطي مجالًا لتلاميذك أن يهتمّوا.
ولهذا تراودهم أحلام اليقظة. ويغطسون في مقاعدهم. ويثرثرون ويقهقهون ويسيئون التصرّف بلا تأنيب ضمير.
ولاستعادة التوازن عليك أن تركّز على عملك أنت، وليس على عملهم هم، عملك الذي ينحصر في تقديم أحسن الإرشادات لهم. وفي الوقت نفسه، عليك أن تكون أقرب للمهووس بالدفاع عن حريّة تلاميذك في للقيام بواجباتهم وأعمالهم، بلا تدخّل –منك أو من غيرك. وهذا لا يعني أنك لن تهتم. ولكنه يعني أنك تهتم بالقدر الكافي لعمل ما هو أفضل لمصلحتهم، وهو أن تدع تحمّل مسؤولية التعلّم وحسن التصرف يقع عليهم هم.
لعمل ذلك، عليك أن تتوقف عن أداء الأمور بدلًا منهم، الأمور التي سبق وأن علّمتهم كيف يؤدونها. توقف عن إقناعهم، وحثّهم، واستنزاف نفسك في محاولة جعلهم يتحسّنون. توقف عن تحمّل ولو حتى نسبة ضئيلة من أعبائهم ومسؤولياتهم، العاطفيّة أو سواها. لأنّ قيامك بذلك يُضعف دوافعهم وعاداتهم في العمل ورغبتهم في تحسين أدائهم.
كُن دافئًا، وعطوفًا ومتحمسًا عند إعطائهم الدروس. ولكن عندما يحين دور التلاميذ لعمل مهامهم، فكن هادئًا وباردًا مثل نخلة.
تراجع إلى الخلف، إلى البعيد، بسكونٍ وهدوء، لتترك لهم مساحة ليملؤوها بشغفهم وأهدافهم وعزمهم.
اعطهم مساحة ليهتمّوا.
وسيهتمّون.
مايكل لينسين هو مؤسس الإدارة الصفيّة الذكية، وهي مدونة لإدارة الفصول الدراسية، لديها 125000 مشتركًا.
درّس مايكل كل المراحل من رياض الأطفال إلى المرحلة الثانوية، وهو يعمل في هذا المجال منذ 29 عامًا. ألّف خمسة كتب من أكثر الكتب مبيعًا في مجال التربية والتعليم.
رابط المقال الأصلي نشر بتاريخ 19، يناير، 2019.